تخيّل محاولة إقناع أحد النجوم البارزين في يانكيس بالانضمام إلى شركة
امتياز تجاري جديدة تعمل في دوري البيسبول. إنها مهمة مستحيلة، أليس كذلك؟
لا، ليس بالضرورة؛ فقد قام كاري ريس -أحد مؤسسي، ورئيس مجلس إدارة شركة
نيس للكمبيوتر- بالمهمة نفسها، لكن في عالم شركات التكنولوجيا، ونجح!.
أراد
ريس الحصول على خدمات مهندس في أبل، يُدعى سكوت جودسن، وهو عضو الفريق
الذي قام بتطوير منصة IOS لهاتفي iPhone وiPad، وكان يريده أن يترك أبل
لينضم إلى نيس مديراً للمهندسين. واستغرق الأمر 11 شهراً قبل أن يحصل ريس
على موافقة جودسن، فما الذي فعله ريس؟.
يقول ريس: «اعتمد الأمر على
الاحترام المتبادل، وإدراك موقف كلّ منا». وعبر عدد من المحادثات مع جودسن
استطاع ريس أن يقنعه بأن المهندس يمكنه أن يسطع نجمه في نيس، ويمكنه
المساعدة على حلّ مشكلة قد لا تكون واجهت أي شركة ناشئة من قبل. كان الأمر
أشبه بقوله: «حينما تكون جاهزاً للانتقال فلنتحدث معاً». وبالطبع كان
الأمر يستحق كل ذلك الوقت لتوطيد العلاقة بيننا؛ لأنها الخطوة الأولى
بالفعل للحصول على أشخاص رائعين للعمل معك.
فاجأتنا شركة لوس ألتوس
بكاليفورنيا، التي تأسّست في أكتوبر عام 2009م، هذا الصيف بافتتاح نيس
تطبيق iPhone الذي يقوم بعمل توصيات للمطاعم وأنت على الطريق حسب
اختياراتك التي تحددها (وسيتّسع الأمر قريباً ليشمل التسوق، والسفر،
والأمكنة الترفيهية الليلية) بحسب ما يفضّله كل مستخدم وأصدقاؤه على
الشبكات الاجتماعية. لقد تمّ توفير الأموال عن طريق شركة كولسا فينتشرز
لاستثمار رأس المال، وشركاء أسلوب لوي مؤسسي بالانتير تكنولوجيز، كما
يعدون مبتكري فارم فيل ومينت دوت كوم من ضمن مستشاريهم. ويقضي ريس من 30
إلى 50% من وقته في إقناع المواهب بالانضمام إلى فريقه، الذي يتألف من نحو
15 شخصاً.
يقول ريس: «إذا رأى رئيس مجلس الإدارة أن مهمته هي إيجاد
الموظفين لتحقيق أهداف الشركة فحينئذٍ يكون قضاء وقت طويل في عملية تعيين
الأشخاص المناسبين من الأمور الأساسية التي تعتمد عليها عملية تشغيل
الشركة». ويقضي ريس وقتاً طويلاً في البحث عن أشخاص لديهم الإمكانيات
المطلوبة، وأصبح يركّز بحثه في روّاد هذا المجال. ويضيف: «هناك أشياء قيمة
تأتي من خلال الثقافة التي تمزج بين الخبرة والشباب والحماس»، وهي مقولة
اقتبسها من بيل جيتس الذي عيّن مجموعة من الأطفال مع مجموعة من أصحاب
الخبرات العريقة في السنوات الأولى لميكروسوفت.
وبصفته شريكاً سابقاً
في إحدى شركات استثمار رأس المال، استعان ريس بالشبكات الحالية الخاصة به
في جامعات كاليفورنيا وبيركلي وستانفورد، والآن في جامعة إم آي تي، وجامعة
تكساس بأوستن؛ للوصول إلى أفضل المواهب من الخريجين والطلاب قبل أن تبدأ
الشركات الكبرى في سيليكون فالي باجتذابهم.
يقول ريس: «ابحث عن
الموظفين المستهدفين، واعرف أين يوجدوا، وانتصر على منافسيك». وسعى ريس
إلى عمل مسابقات باسم نيس داخل الجامعات من خلال تمويل المسابقات الهندسية
التي يشترك فيها مجموعة من المهندسين في بناء البرامج، وتركيز جهود
التعيين في عدد صغير من برامج علوم الكمبيوتر المرموقة؛ باحثاً عن الطلاب
الذين يهتمون ببناء البرامج، وليس الحفاظ على الدرجات العالية فقط.
وتيسّر
فكرة مشاركة مجموعة من المبرمجين في إنشاء برنامج عملية الوصول إلى أفضل
المرشحين للانضمام إلى فريقك أنهم «مَنْ يذهب إليهم أيّ شخص تواجهه مشكلة
في البرمجة». وقد آتت إستراتيجيات ريس ثمارها؛ إذ تقابل مع اثنين من شركاء
التأسيس معه عام 2009م في إحدى هذه المسابقات الجماعية، كان أحدهم هو
الفائز، وكان الآخر موظفاً لدى مموّل آخر، وقام أحد الذين قام بتعيينهم
ببناء أول إصدار من تطبيق نيس. وبعد تطوير الإطار الأساسي للبرنامج، انضم
جودسن -الموظف السابق في أبل- إلى نيس؛ ليعمل في تطبيق جاهز بالفعل للطرح
في الأسواق، ومتابعة الموظفين الصغار.
أخذ ريس وقتاً طويلاً في عملية
تعيين الأشخاص المناسبين لديه؛ إذ يقول: «حتى إن لم تكن تبحث عن شخص
لوظيفة بعينها فاسْعَ إلى التعرّف إلى الناس، وبناء سمعة طيبة؛ تحسباً
للوقت الذي تحتاج فيه إلى من ينضم إليك». ويتضمن ذلك تنظيم الاحتفالات،
وعمل العلاقات الاجتماعية التي لا تتعلق بالعمل والتعيين مباشرةً؛ إذ تقيم
نيس حفلات للشواء بصفة منتظمة، وتدعو الأشخاص المحتمل انضمامهم إلى الشركة
إلى التعرّف إلى فريق العمل والمستشارين في جوّ غير رسمي؛ إذ قد لا يستجيب
من لديهم وظائف جيدة بالفعل لدعوات مقابلات العمل، لكن حينما تقول:
«تعالوا وأحضروا أصدقاءكم لنستمتع بالطعام معاً» يكون هذا أسلوباً رائعاً
في اجتذاب الناس للحضور وهم يشعرون بالراحة والحرية في التحدث، بل يجعلهم
أكثر إقبالاً على العمل لديك.
يقول جارد هتشت؛ أحد مؤسسي شركة جروب مي في مدينة نيويورك: إن الفكرة
الرئيسة التي تقوم عليها الشركة تمثّل أحد أهم أصولها لاجتذاب الموظفين
إليها، والحفاظ على المواهب، ولا يهم عدد الأشخاص المميزين لديك في الشركة
إن لم يكن بإمكانك الحفاظ عليهم. وقد تأسّست الشركة في يوليو عام 2010م،
ونجحت شركة هتشت، التي تقدم خدمات النصوص المجمعة للمحمول والمكالمات
الجماعية، في توفير تمويل 11 مليون دولار من المستثمرين، مع مشاركة بون
جوفي وإم تي في، كما تمكنت من إرسال أكثر من 100 مليون رسالة شهرياً.
يقول
هتشت: «السرّ الأساسي هو إشراك الموظفين في العمل. كما يعدّ اختباراً
جيداً أيضاً لمعرفة إذا كانت فكرتك جيدة بالقدر الذي يسمح بالاحتفاظ
بالأشخاص المتميزين».
يعمل لدى جروب مي 20 موظفاً، وتقدم الشركة
للأشخاص المحتمل انضمامهم إلى العمل (ثقافة التمركز الهندسي)، التي تتيح
لهم المشاركة بإبداعاتهم، والأهم من ذلك العمل مع العقول اللامعة التي
يضيف بعضها إلى بعض، وتدفعهم إلى الأداء بشكل أفضل. وقد ساهمت الفكرة
وسياسة الشركة في تعيين عنصرين مهمين لدى هتشت، رفض أحدهم عرضاً للعمل في
سكوير، وهي شركة جديدة مرموقة تعمل في مجال تسديد فواتير المحمول، بعد
أسابيع من عمله مستشاراً في جروب مي. يقول هتشت: «لقد وقعوا في غرام
الخدمة التي نقدمها، وانتهى بهم الأمر إلى العمل معنا بدوام كامل».
الباحثون عن المواهب
لطالما
لجأت الشركات إلى مواقع مثل Monster وCareerBuilder لسدّ النقص في الوظائف
لديها، لكنها ليست بالضرورة الخيار الأنسب للشركات الجديدة، خصوصاً تلك
التي تعمل في مجالات متخصّصة، أو التي تتطلب مجموعة معينة من المهارات.
يقول
كريس ماك، وهو أحد مؤسسي نكست دايجست التي تنشر نشرات ستارت آب دايجست:
«بعد العثور على المال يكون الأصعب هو العثور على المواهب». لكن حينما
يتعلق الأمر بتعيين أفضل المواهب فعادةً يعبأ الموظف الذي تريده بوظائف
الإدارة العليا؛ إذ يتلقون يومياً كثيراً من العروض. وقد أدى ذلك إلى وجود
مجموعة من الخدمات العالية المستوى في مجال صناعة التكنولوجيا، تتضمن
مواقع الشبكات؛ مثل: VentureLoop، وStartUpers، وStartupl، إضافةً إلى
الخدمات؛ مثل Interviewstreet التي تختبر مهارات البرمجة للمرشحين.
وقد
انضم ماك كان مؤخراً إلى النقاش الدائر بين كبار العاملين في ستارت آب
دايجست، الذي يهدف إلى مساعدة الشركات الجديدة على إيجاد المهندسين
والمصممين. وتركّز الخدمة في إيجاد مجموعة صغيرة من الشركات الناشئة، التي
قامت بعمل مسح سابق للمرشحين الذين يريدون الانضمام إلى شركة جديدة
بعينها. وخلال الشهر الأول فقط، حصل اثنان من بين 11 مستخدماً على وظائف،
وتم إرسال اثنين آخرين لعقد مقابلات عمل.
وهناك خيارات أخرى برّاقة
أمام الشركات غير التقنية أيضاً؛ مثل بانجالور في الهند، المتخصصة في
التوظيف؛ إذ تتولى إيجاد فريق العمل ونظام إدارة التعيينات للشركات
الجديدة في حدود 30 موظفاً. ويقول راج مؤسس الشركة العام الماضي: «هناك
طلب كبير على هذه الخدمة؛ إذ تكون عملية التوظيف في الشركات الناشئة غير
ممنهجة غالباً، كما لا تتوافر عادةً برامج التعيين إلا في مجموعات الشركات
الكبيرة». ويمكن للعميل إرسال الطلب في خطوة واحدة مقابل رسوم شهرية تصل
إلى 200 دولار حسب عدد الوظائف، مع إمكانية الإعلان، وإدارة قوائم الوظائف
والطلبات المقدمة.
ومن عملاء الشركة المنتظمين في السداد: جروبون
الصينية، وليفيز في الهند والولايات المتحدة الأمريكية، وشركة الاستشارات
سكوند وايف. كما وقع شيث على شركات ناشئة تقنية؛ مثل: بلو ماونتين لابز،
وكلاود سكايلينج، علماً أن نحو 70% على الأقل من عملائه ليسوا من الشركات
التقنية.
وينصح شيث المؤسسين بالانتباه جيداً عند وضع إعلان وظيفة؛ لأن
هذا الأمر يمثّل عادةً الانطباع الأول الذي يأخذه المرشح عن الشركة. ويوصي
بوضع الإعلان في المكان المرتبط به؛ مثل شركة تقوم بتأليف مجلس الإدارة
للشركات الجديدة، أو حاضنات الشركات؛ مثل: تك ستارز، أو واي كومبيناتور،
التي تحصل على استجابات أكثر من المرشحين الذين يدركون ما يتوقعونه حينما
يسجلون أنفسهم مع شركة ناشئة؛ مثل: أسهم أكثر من راتب، وبصمة كبيرة في
العمل، وكثير من المخاطرة.
خُذْ وقتاً طويلاً قدر المستطاع في كتابة
وصف الوظيفة؛ حتى يستجيب لك المرشح المطلوب؛ إذ يقول شيث: «أنت لا تقوم
بعمل إعلان عن وظيفة عادية. كُنْ محدداً، وتواصل مع التوقعات، وتأكد من
تقديم نفسك إلى الشركة بالشكل الملائم؛ حتى يمكنك تنقية المرشحين الذين
يناسبون سياستك».
وأنوّه في هذا المقام إلى ما قاله المؤرخ والمكتشف
سير والتر واليه: «يحصل صاحب العمل عادةً على الموظفين الذين يستحقهم».
لذلك عليك مراعاة كل الجوانب للقيام بالأمر كما يجب عند تأسيس الشركة؛ إذ
يؤثر كل موظف تختاره في مستقبل الشركة كله.
المواصفات الواجب مراعاتها عند التعيين
ما
الذي يحدث للفكرة الجيدة من دون وجود فريق جيد وراءها؟. «لا تذهب إلى أي
مكان!» كما تقول تيريسا أمابيل؛ المدرسة في مدرسة هارفارد للأعمال، ومؤلفة
كتاب مبادئ التقدم. استخدام أموراً بسيطة للحصول على البهجة والمتعة
والإبداع في العمل. وفي أثناء بحثها لعمل الكتاب توجّهت أمابيل بطلب إلى
12 ألف شخص ليحتفظوا بمفكرة يدونون فيها أفكارهم في العمل، بما في ذلك
مشاعرهم تجاه زملائهم ورؤسائهم. وتوصلت إلى أربعة عناصر أساسية لابد من
وجودها في الشركات الناشئة؛ حتى تكون أمامها فرصة كبيرة للنمو من خلال
الحصول على فريق عمل رائع:
1- أساليب التفكير المتنوعة: تحتاج إلى من
لديه القدرة على خوض المخاطر ممن يمكنهم العمل والمضي قدماً مع كثير من
الأفكار، إضافةً إلى من يمكنهم التفكير بشكل عملي، وتصور كيفية تنفيذ تلك
الأفكار في الوقت المطلوب وفي حدود الميزانية المتاحة.
2- المهارات
التكميلية: إذا كان هناك مثلاً شركة تقنية تريد اقتحام مجال الشبكات
الاجتماعية فعليها تعيين شخص لديه دراية بالأمور النفسية، أو مهارات
التواصل؛ حتى تتعامل مع الأمر من منظور متعلّق به؛ إذ تقول: «إن التكرار
هو بالفعل مقبرة الإبداع».
3- مُترجم: من الضروري جداً أن تجد شخصاً
يمكنه التواصل بفاعلية مع من لديه استعداد لخوض المخاطرة، ومن يمكنه
التفكير بشكل عملي. تظهر المشاحنات الشخصية، ويضيع كثير من الوقت في الجدل
الذي يُثار داخل المكاتب حينما لا يكون هناك جسر مشترك لإقامة الحوار.
4-
أنت تفرض قيوداً على الوقت والموارد في الشركات الناشئة، فجهّز نفسك،
وحاول الحفاظ على حماس موظفيك بالتواصل معهم باستمرار؛ إذ تقول أمابيل:
«اصنع بيئة يكون فيها كلّ فرد قادراً على فهم إلى أين تتجه؛ حتى يعرف
الناس ما عليهم فعله لتحقيق التقدم بشكل يومي. وينبغي على الشركات الناشئة
التحول والتغيّر، لكن سيكون للعمل معنى أعمق إذا تمكّن الموظفون من فهم
مدى مساهمة كل منهم في الأمر.
رجل الأعمال
يقول مايكل فيور؛ رجل
الأعمال، وأحد مؤسسي أوفيسماكس التي باعها مقابل 1.5 مليار دولار في
2003م، وهو أيضاً مؤلف (الديكتاتور الخيري): «اشحن طاقات موظّفيك، وقُمْ
ببناء شركتك، وادخل في المنافسة. وحينما تكون في شركة كبيرة فإن الحجم
الكبير يغطي على كثير من الخطايا. وفي الشركة الناشئة قد يؤدي الخطر
الصغير إلى مشكلة كبيرة، ولا تناسب هذه البيئة أيّ شخص». لكن ذلك لا يعني
أن عليك فقط تعيين لاعبين من الطراز الأول، بل تحتاج إلى قادة وأتباع
يكونون:
- مفعمين بالطاقة: فالشركات الناشئة تمتلك ميزانية ووقتاً محدودين، ومن ثَمّ سيضطر الموظفون إلى بذل قدر هائل من الطاقة لإحداث فارق.
- متحمسين: ينبغي أن يكون لدى الموظف الجيد في الشركة الناشئة رغبة في إثبات شيء ما لنفسه؛ فالحماس أمر لا يمكن تعلّمه.
-
قادرين: لحسن الحظ تكون هذه النقطة متوافرة في الأغلب؛ لأن 90% من حالات
الإخفاق هي التي لا يتمكّن فيها المؤسسون من توصيل توقعاتهم بالشكل الصحيح.